جلست وسونيا على الفراش في غرفتي، بعد أن عزمت قراري على اخبارها بكل شيء، فلم أعد أستطيع حمل هذا العبء بمفردي، خاصة أن حسام هو أقرب الأشخاص الآن، ومن الممكن أن يكتشف كل شيء في أقرب وقت ممكن.
بدت سونيا مستمعة بكل جوارحها، وكأنها تفهمني تماماً، حتى رفعت ظهرها وهي تضع قبضتها أسفل ذقنها مطرقةً التفكير:
- لكن حقاً، من كان يعلم انك مليئة بالأسرار هكذا آية ! هاه!
أخفضت رأسي مستسلمة، فقالت في محاولة لابهاجي:
- لكن الأمر لم يكن مشكلة على الاطلاق، أعني أنك لا زلت في خط الأمان!
- آه! هل هذا صحيح؟
- أجل، أنظري نحن لسنا متأكدات من أمر حسام، لكنه خطير للغاية.
ثم تغيرت نبرتها إلى هادئة بشكل مخيف:
- ارني ما تستخدمينه للتنكر هناك!
ومضت عدة ومضات أستوعب ما تقوله، ثم توجهت لخزانتي واخرجت صندوقاً كبيراً، ثم أخذت تتفقده باهتمام.
- واو! لم أعرف أن بإمكانك استخدام هذه الأشياء!
بدت معجبة أكثر منها اندهاشاً، ثم رمت الأشياء بالصندوق، وقالت بانفعال:
- لكن صدقاً، كيف أمكنك تحمل ذلك طوال هذه المدة وحدك؟!
- بدأ الأمر حين قرر المدير أن يدخلوا المدرسة، وإلا لم يكن كذلك!
- فهمت!
أطرقت التفكير مجدداً، ثم نظرت إلي، وقالت:
- لكن الحمل أقل الآن.
ابتسمت:
- أليس كذلك؟
- آه!
تنهدت بارتياح:
- لم أكن أعرف أنه مريح هكذا!
ابتسمت ابتسامة خافتة تدل على الحزن والشفقة، ثم قالت بود:
- عليك أن تعتمدي على أصدقاءك من حين لآخر آية!
أمسكت بذقني ورفعت راسي لمواجهتها، عيناها تلمعان ببريق ودود، وهمست:
- لهذا وجد الأصدقاء.
...
الحديث مع سونيا أشعرني بالراحة، أخذت تعد معي بضع تكتيكات للخروج من هذه المعضلة، وقررت مساعدتي بتجنبهم قدر المستطاع أوقات المدرسة، خاصة الأكثرهم خطورة ... حسام.
اجتمعنا على السطح، وتناولنا طعامنا هناك، كنت سعيدة بعودة الأمور بيننا كالسابق، فها هي مي تتحدث مع رؤى بوداعة.
- وجدت فستاناً جميلاً البارحة، أود شراءه اليوم!
علقت مي، فأجابتها رؤى بتحدٍ:
- ولمَ لم تشتريه البارحة.
فوضعت يدها خلف رأسها، وضحكت ضحكة متقطعة، وقالت بحرج:
- لم أكن أملك المال الكاف!
ضربت رؤى جبهتها بحسرة، وتذمرت:
- رباه! أنت الأخرى ميؤوس منك.
- روي!
علقت بدلال:
- لم يكن باليد حيلة!
فخاطبتها سونيا:
- اذاً سنذهب للتسوق اليوم.
فهتفت مي بمرح، ووجها يشرق من السعادة، عيناها تبرقان ببريق ساطع:
- أجل! لنتسوق!
نظرت رؤى نحوها بتردد، وقالت باعتراض:
- أنتما تضعاننا في الأمر الواقع، لم تسألي آية إن كانت تستطيع فهي دائماً مشغولة.
- آه!
هتفت مي:
- بالحديث عن ذلك، هل ستذهبين معنا رؤى؟
ترددت، وتلعثمت واحمر وجهها الغاضب، فضحكنا، قالت سونيا:
- لا تستخدمي آية كعذر إن كنت تريدين منا أن نسالك!
اعتصرت ذراعيها على صدرها، وهمهمت:
- رباه!
- اذا آية!
سألت مي:
- هل ستذهبين معنا؟
سيكون من اللطيف أن أذهب، فأنا أيضاً بحاجة لشراء بعض الحاجيات، لكن ... ماذا عن العمل!
- أنا آسفة!
أجبت بعد طول تفكير:
- لدي عمل اليوم.
- رباه!
هتفن معاً معترضات، لترفع سونيا أنملتها موضحة، وكأن فكرة لمعت في بالها:
- لم لا نذهب بعد أن تنهي آية عملها.
- لكن!
اعترضت مي:
- آية تنهي عملها في وقت متأخر من النهار!
- أجل
لم تنكر سونيا ذلك، ثم أكملت:
- لكنه سيكون وقتاً مناسباً للتسوق، كما أن لدينا امتحان بعد غد، إن لم نستعد جيداً لن يسمح والدينا بالخروج.
- تعنين!
بدا وجه رؤى مذعوراً:
- أنك تجبريننا على الدراسة في الوقت الذي تعمل فيه آية، أليس كذلك؟
فهزت رأسها بالموافقة بكل برود، حينها أمسكتها رؤى من قميصها وأخذت تهزها بعنف:
- أيتها الشيطانة!
- مهلاً، مهلاً
أجابتها بدلال:
- إن لم تدرسي جيداً لن أستطيع المساعدة في تدريسك!
عادت رؤى تجلس في خيبة أمل.
- إذاً!
قلت بتردد:
- لديكم امتحان بعد غد!
- أجل!
أجابت مي:
- وبدوره سيعطيكم الاستاذ امتحان ايضاً!
- آه! إذاً وقت الامتحانات بدأ بالفعل.
وبدا أنني أشارك رؤى مشاعر رهاب الامتحان هذه المرة، بينما ينظران كلا من مي وسونيا نحونا بدهشة واستعراب.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق