الخميس، 15 أكتوبر 2020

الفصل الخامس والأربعون

 - صاحب الجلالة!

انحنى اللورد جون وهم يقف بجوار اللوردين الآخرين، بينما يجلس الحاكم على عرشه، عيناه فارغتين ووجه شاحب، خبر اختفاء برقية القائد ليون أصابت الجميع بالحزن.

- من يمكن أن يكون الفاعل؟

علق سيمون بانفعال، لكن أحداً لم يجب، قال الجندي الذي يحمل التقرير:

- حسب ما شخصه الطبيب فالجروح ليس من فعل بشري عادي.

حل المكان الصمت، نظرات الحاكم توجهت نحو روهان الواقف بجانب صف القادة، رؤية ذبوله بهذا الشك لم يستطع سوا أن يتنهد، وقال:

- سنعقد مبارزة جديدة.

- سموك!

هتف الجميع بدهشة، بينما استطرد الحاكم:

- لا يمكن أن ندع القسم الأيمن من الجيش يتداعى، ونحن على وشك مواجهة جيش رامون قريباً.

أخفض القادة رؤوسهم، من المؤسف أن يمر موت أحد القادة بذلك الشكل، لكن الحاكم محق، جيش رامون لن يستسلم بسهولة، إلا أن تجاهل الأمر بذلك الشكل! ما خطب الحاكم؟

خرج الجميع من قاعدة الاجتماعات وهم يثرثرون بانزعاج، أليس عليهم أن يقدموا له جنازة لائقة على الاقل! لمَ الحاكم مستفر هذه الأيام!

تقدم القائد دان من روهان وقال:

- ما بالك هادئ جداً مؤخراً، بالكاد سمعنا صوتك!

فعلق القائد سيمون:

- تقصد أننا لم نسمعه على الإطلاق.

ابتسم روهان ابتسامة طفيفة، وقال:

- تشغلني بعض الأمور.

ثم استأذن وهم مغادراً، فنظرا كلا القائدين لبعضهما باستغراب، ثم تساءل دان:

- هل تعتقد أنه قلق بشأن تولي الأمير لوكاس الفرقة اليمنى؟

- همم! ربما، فهو سيزيد صعوبة ترشحه للعرش.

ثم نظرا خلفهم حيث خرج اللوردات وهموا في طريقهم نحو الطرف الآخر.

...

في ساحة التدريب، بعد أن غادر الجميع، اجتمع كلاً من مارون ولان وآندي لجمع السيوف وتخزينها في مخزن الأسلحة، حين علق لان:

- هل سموه بخير؟ إنه اللقاء الرابع على التوالي.

فتساءل آندي:

- منذ الحادث لم يظهر وجهه، ألا تعتقد أن الأمر أصبح جدياً سيد مارون.

- الأمر يعتمد عليه فيما إن أراد النهوض أم التراجع.

نظرا كلاً من آندي ولان بدهشة لبعضهما البعض، ثم نظرا نحو مارون الذي بدا متجهماً، فقال آندي:

- لكنه صديق طفولتك، ألا تظن أنك تقسو عليه قليلاً؟

تنهد مارون وهو يضع السيف بعد تنظيفه، ثم نظر نحوهما، وقال:

- أليس ذلك ما سيعرفه في النهاية؟

- ولكن ...

علق آندي وهو يحك عنقه بتوتر:

- ألا تعتقد أن طريقتك جافة بعض الشيء؟

- ما الذي تعنيه؟

- أن ترمي بين يديه ملفاً خطيراً مثل ذلك وتتركه يطالعه بمفرده، ثم تطلب منه أن يعقد تعاوناً مع ولي العهد.

- أجل، هذا قاسٍ جداً.

علق لان في محاولة لإثارة غضب مارون:

- أتساءل أين كنت عندما وزع الإله الرحمة؟

- لان!

يبدو أن خطته نجحت، فها هو مارون يحدق به بغضب، فقابله بنظرة بلهاء ممزوجة باللامبالاة، حين أوقفهما آندي:

- الأهم من ذلك، أنتما.

فنظرا نحوه بانتباه:

- ما الذي سيحصل للآنسة؟

وكأن ذلك أشعل شرارة في عقل مارون، أنّى له نسيان ذلك!

- قلت سابقاً، أنها عوقبت بالذهاب للأكاديمية الملكية بسبب الإكسير! ألا يعني أنه ربما لها يد في ذلك؟

- هذا معقول!

أطرق لان مفكراً، حين صرخ مارون بفزع:

- ما هو المعقول أيها الغبيان؟ تلك تجارب قديمة قبل توريث الإكسير.

- لكن ألا يبقى كون اسم عائلتها ملوثاً؟ ألا يعني ذلك رفضها من قبل صاحب الجلالة.

- ولكن صاحب الجلالة يستخدمها مع ذلك.

- أليس ذلك خبيثاً!

اشتعلت عينا لان وآندي بنظرات حادة، بينما أخذ يتبادل مارون بنظره بينهما بذعر:

- أنتما حقاً مرعبان.

- لكننا سنكون في صف صاحب السمو!

علق لان بمرح:

- مهما كان قراره، سندعمه.

ابتسم كلاً من آندي ومارون، هتفا:

- أجل!

...

التجربة رقم 5:

تم تجرع المحلول بنجاح، لم تظهر أي ردة فعل غير طبيعية.

التجربة رقم 6:

بعد 3 أيام أظهرت انتفاخ في العضلات وحدة في الاسنان.

التجربة رقم 27:

تمزق في الغدد اللمفاوية وردات فعل أقرب إلى الجنون.

التجربة رقم 119:

تجريد إنساني كامل، التحول بنسبة 90%.

التجربة رقم ***:

ولادة آموري .. مورين كارتل.

.

.

.

تجمد مكانه للحظة، يداه ترتجفان ويرقص الكتاب بينها بعدم استقرار، شعر لوهلة أن الدنيا اسودت في وجهه، وقلبه توقف عن النبض، قشعريرة كهربائية تتولد في جسده، عندما تابع القراءة بأعين مفزوعة:

_____

الحالة النفسية: غير مستقرة، محاولة انتحار إزدواجية.

*يبدو أن التجربة فقدت السيطرة وهربت من المختبر.

_____

أطبق الكتاب بكفه، وانهار على الأرض، عيناه فارغتين انطفئ داخلها النور، فقد شعوره بحواسه لوهلة، وكأنه لم يعد يدرك محيطه، ثم عاد بنفسه طفلاً وهو على أريكة فارهة في غرفة زجاجية تحوطها النباتات والأزهار كغابة مصغرة، بينما ملابسه المتسخة  ووجهه ممتلئ بالدموع يظهر أنه أصيب ركبته بسبب اللعب، اقتربت منه مورين، سيدة جميلة ذو وجه لطيف وهالة محبة، حين ابتسمت أشرقت هالتها بنور ذهبي ساحر، تحمل معها قطعة قماش بيضاء ومطهر، جثت بجانب الطفل الصغير وأخذت تمسح مكان الجرح وتغني له بصوتها العذب.

مع دمعات ذلك الطفل التي جفت، خرجت دمعات من عيني روهان المنطفئتين، وبدأ يشتم رائحة الدم التي تفجر في صدره، شعر بألم حاد، لكنه لا يضاهي الألم الذي شعرت به والدته.

...


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق